همسات
حركية
إن الهزيمة
لا تلحق بالمؤمنين، ولم تلحق بهم في تاريخهم كله، إلا وهناك ثغرة في حقيقة الإيمان
إما في الشعور وإما في العمل -ومن الإيمان أخذ العدة وإعداد القوة في كل حين بنية الجهاد
في سبيل الله وتحت هذه الراية وحدها مجردة من كل إضافة ومن كل شائبة- وبقدر هذه الثغرة
تكون الهزيمة الوقتية؛ ثم يعود النصر للمؤمنين - حين يوجدون!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول د. الطيب النجار - رئيس المركز الدولي للسيرة والسنة -:
إذا نظرْنا إلى النتيجةِ النهائيَّة في غزوة
أُحد، فإنَّنا لا نراها هزيمةً للمسلمين؛ وإنَّما هي في واقِع الأمر نصرٌ كبير، وهذا
ما ذهب إليه اللواء الركن الحاج محمود شيت خطاب في كتابه "الرسول القائد"
حيث قال "لا أتَّفق مع المؤرِّخين في اعتبار نتيجة غزوة أُحد نصرًا للمشركين واندحارًا للمسلمين؛ لأنَّ مناقشة المعركة عسكريًّا تُظهر
انتصار المسلمين على الرغم مِن خسائرهم؛ ذلك بأنَّ المسلمين قدِ انتصروا أولاً في
ابتداءِ المعركة، حتى استطاعوا طردَ المشركين من معسكرِهم، والإحاطة بنِسائهم
وأموالهم، وتعفير لوائهم في التراب، ولكن التفاف خالِد بن الوليد وراءَ المسلمين
وقطع خطِّ الرجعة عليهم، جعَل قوَّات المشركين تُطبق على المسلمين مِن كافة
الجوانب، وهذا الموقف في المعركة جعَل خسائر المسلمين تكثُر، ولكن بقِي النصر في
جانبِهم إلى آخِر لحظة؛ لأنَّ نتيجة كل معركة عسكريًّا لا تُقاس بعدَد الخسائر في
الأرواح فقط، بل تقاس بالحصول على هدفِ القتال، وهو القضاء المبرم على العدوِّ
ماديًّا ومعنويًّا، وهذا هو الذي لم يحدُث، ولا يمكن اعتبار فشل القوَّة الكبيرة -
وهي قوَّة قريش حينئذٍ - في القضاء على القوَّة الصغيرة ماديًّا ومعنويًّا في مِثل هذا الموقف - نصرًا.
ولم تستطعْ قريش أن تؤثِّر على معنوياتِ
المسلمين؛ ولذا رأينا المسلمين بعدَ انتهاء غزوة أحد بيوم واحد، قدِ استطاعوا
الخروج لمطاردة المشركين، دون أن تجرؤَ قريش على لقائِهم بعيدًا عن المدينة، فكيف يُمكن أن يقال: إنَّ المسلمين هُزِموا،
وقد رأيناهم يخرجون بعيدًا عن المدينة ليطاردوا قريشًا، وقريش لا تجرؤ على
مواجهتهم؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق