بسم الله الرحمن الرحيم
حرب الشائعات وخطرها
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من
لا نبي بعده. وبعد:
أيهاالإخوة
المجاهدون النصر لاحت بوارقه وظهرت تباشيره والمقاومة والجيش الوطني في تقدم على
كل الجبهات والحمد لله والعدو يوميا في انحسار وانكسار ونحن في مرحلة حرب على كل
المستويات, وإذا كانت الحرب العسكرية تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده
وبناؤه، فإن هناك حرباً ضروس مستترة, وتنتشر بكثرة في أيام الحروب والمواجهات, وهي
لا تقل خطرا وشرا عن الحرب القتالية بل هي أشدّ ضراوة وأقوى فتكا، لأنها تستهدف
الإنسان القوة المعنوية القتالية وتستهدف الفرد في أفكاره ومبادئه وقيمه ومعتقداته
ومصادر قوته وبقائه، إنها حرب الشائعات التي هي أخطر الحروب المعنوية، والأوبئة
النفسية، بل من أشد الأسلحة تدميراً، وأعظمها وقعاً وأنها جديرة بالتشخيص والعلاج،
وحريةٌ بالتصدي والاهتمام لاستئصالها والتحذير منها، والتكاتف للقضاء على أسبابها
وبواعثها، حتى لا تقضي على الروح المعنوية في صفنا، التي هي عماد نجاح الأهداف
وتحقيق الانتصارات والمكاسب. وإذا كان في دنيا النبات طفيليات تلتفُّ حول النبتة
الصالحة، لتفسد نموّها، فإن الشائعات ومروّجيها أشدُّ وأنكى على نبتة المقاومة
الطيبة التي بدأت تؤتي أكلها، وتحقق انتصاراتها, من الحرب العسكرية, ولقد هُزم
الإنقلابيون بحمد الله في كل جبهات الحرب القتالية وهم في انكسار وانحسار مستمر
بفضل الله وهم مع ذلك يحاولون تغطية هزائمهم المتلاحقة, وفشلهم الذريع في الميدان بتحقيق انتصارات وهميه اعلامية فوق
الخيال على شبكات التواصل والانترنت. وبالتشويش على مكاسب المقاومة والجيش الوطني
المتسابقة بما يقومون به من اشاعات وأراجيف وكذب وتزوير وخداع واخبار مفبركة وقلب
للحقائق وحرب نفسية وإعلامية مسعورة يلعبون بها على عقول مجانينهم الذين غسلوا
ادمغتهم وسحروا عقولهم وجاءوا بكذب كبير لعلهم يرفعون بها معنوياتهم المنهارة والمتدهورة
يوما بعد يوم هدفها الزج بالبسطاء والمخدوعين الى محارق الموت ووديان الهلاك
دفاعاً عن أحلام الزعيم وتطلعات سيدهم الطائفية العنصرية, ويريدون من وراء ذلك
خلخلة البُنى التحتية لمجتمع المقاومة الصلب وتقويض أركانه، وتصديع بنيانه,
مجتمعنا المتماسك الذي بصموده وثباته وصمود الجيش الوطني بعثر أحلامهم وقضى على
مشاريعهم الضيقة, والشائعات والأراجيف ستبقى وسيلة لمن فشلت وسائله ليهدم بها
ويثير البلابل ويخلل الصفوف ويحطم المعنويات سلاح المرجفين وبضاعة المفلسين وسلوك
المنافقين ولهذا القرآن حذرنا من أخطارها وحرم سماعها ونشرها, وبين لنا التعامل
الصحيح معها حتى لا تنفث سمومها وتحقق أهدافها الخبيثة, قال الله تعالى{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ
تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}
فأمر بالتبين والتروي وعدم الاستعجال, و قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْؤُولاً} ونهى الإسلام أتباعه أن يطلقوا الكلام على عواهنه، ويُلغوا
عقولهم عند كل شائعة، وتفكيرَهم عند كل ذائعة، أو ينساقوا وراء كل ناعق،
ويصدّقوا كل خبر ودعاية، فقد قال صلى الله
عليه وسلم قال: ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)) ، وفي رواية: ((كفى
بالمرء إثماً)).
ومن
هنا تدركون رعاكم
الله خطورة هذه الحرب المسعورة، مما يتطلب ضرورة التصدي لها، وأهمية مكافحتها،
والتخطيط لاستئصال جرثومتها،بدءاً بالوعي الداخلي وتقوية الوازع الإيماني وتبيين الحقائق
ونشرها، ورفع الروح المعنوية وعدم التساهل في نقل الكلام وبث الأنباء التي تولد
الخور والضعف والانهزامية، وينبغي أن ندرك جميعا خطورة الشائعات ونقل الكلام دون
تثبُّت ورويه, ونتبع في دفعها والتعامل معها الخطوات الشرعية التالية:
أولاً: حسن الظن بإخواننا فالأصل أن يُحسِن
المؤمن الظن بإخوانه وأن لا يتحدّث بكل ما سمعه ولا ينشره، فإن الأفراد لولم
يتكلموا بمثل هذه الشائعات لماتت في مهدها ولم تجد من يُحيّيها, فالمجتمع المقاوم
ينبغي أن يصل الى مرحلة الاستعصاء على الشائعات وأن يكون كل فرد منا صخرة صلبة
تتفتت عليها الشائعات والأراجيف, ولا تستطيع اختراقها لتنفذ الى مجتمع المقاومة
القوي الذي هو سفينتنا وبيتنا الآمن وليكن شعارنا(احيوا الحق بذكره وأميتوا الباطل
بهجره) قال الحق تبارك وتعالى (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) .
وقد
تكون بعض الشائعات حقائق أو أخطاء وقع فيها أفراد وهنا يظهر المسلم الحق الذي ينظر
إلى المصالح والمفاسد والخير والشرّ ويرد الأمر ويسال عنه أصحاب الرأي والمشورة
والحكمة والإيمان والتقوى قال تعالى: {وإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ
الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ولَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وإلَى أُوْلِي الأَمْرِ
مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ولَوْلا فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إلاَّ قَلِيلاً}
ثانياً:
الموقفُ الحاسِم والجازم والحازِم في ضرورة إثباتِ هذه الشائعة: (لَوْلا جَاءُوا
عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ)، وذلك يقتضي مِن الأخ أن لا يستَمع إلى شيء أو
يقبَله من غير بيّنة ظاهرة، فإذا لم تُوجد بيّنة ضُمّت هذه الشائعة لطائِفة الكذِب
والكذّابين: (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ
هُمْ الْكَاذِبُونَ) وقال تعالى( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)(يا أيها الذين ءامنوا
إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).
ثالثاً:
الموقفُ الصارم من المجتمع المقاوم في رفضِ الإشاعةِ وعدم السّماح برواجِها
والتكلّم بها: (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ
نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ).
أيّها
الإخوة إن الذي يتعيَّن علينا في أوقاتِ الحروب والأجواء التي تروج فيها الشائعاتُ
والأراجيف هو
صونُ اللسان عن الترويج للشائعات ودفعها, بل إنَّ العقل والإيمانَ ليدعُوان
صاحبَهما إلى الموازنة بين مصلحةِ الكلام ومصلحةِ الصّمت، فليس الكلامُ خيرًا
دائمًا، وليس الصمت بِرًّا دائمًا، وفي الحديث الصحيح قال -صلى الله عليه وسلم-:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمُت"
أيها
الإخوة: إن على كل مسلم أن يتحاشى نقل شيء من الأخبار والشائعات أو التوقعات أو
التحليلات إذا كانت مما يضعِف معنويات جيشنا المقاوم ومجتمعنا الصامد، وعلينا أن
نتثبّتَ من الأخبار؛ فإن من يتتبّع وسائل الإعلام المعادية يتحيّر ويتخبّط في
حيرته مما يرى من تناقض الأخبار والتحليلات والتوقعات، وربما وقع فريسةً لبعض
الجهات المغرضة الحاقدة، والمنافقون لا يفوّتون مثل هذه الفرص، فيحرصون على
اغتنامها للتشويش على المقاومين وإلحاق الضرر بهم، فاتقوا الله أيها الإخوة،
واحذروا من كيد الأعداء ومكرهم: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ
مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ). والزموا وصية
الله التي أوصى بها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) نصركم الله
وحفظكم.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق